الحبكة، الرهان ثم أبعاد الأحداث ودلالتها
الحبكة
ونعني بها طريقة انتظام الأحداث داخل الرواية، أو نسيج القصة. ويمكننا التمييز بين حبكة تقليدية وحبكة مفككة، فالحبكة التقليدية هي التي تقدم الأحداث وفق التسلسل الزمني والربط المنطقي، أما الحبكة المفككة فهي التي تقدم الأحداث بعيدا عن التسلسل الزمني. وبالنظر إلى طريقة تقديم أحداث رواية اللص والكلاب؛ نجد أن نجيب محفوظ قد اعتمد حبكة تقليدية، فالأحداث مرتبة حسب وقوعها في الزمن، مثلا خروج سعيد من السجن، توجهه لبيت عليش، عدم حصوله على ابنته وتوجهه نحو مقر الشيخ الجنيدي، ثم توجه نحو المجلة... كما أن الأحداث في الرواية ترتبط كذلك منطقيا، فتعرض سعيد مهران للخيانة سبب في رغبته في الانتقام، ومحاولة سعيد الانتقام من الخونة سبب في قتله للأبرياء، وقتله للأبرياء سبب في ملاحقة الشرطة له..
الرهان
وينقسم في الرواية إلى:
رهان المحتوى أو الخطاب: وهو رهان الكاتب نجيب محفوظ من خلال هذا المؤلف، فقد راهن سعيد مهران على بيان أن الفرد لا يمكنه تغيير المجتمع، فمهما بلغت حدة الفرد وذكائه فتغييره للمجتمع يبقى مستحيلا إلا إذا انخرط هذا الفرد في الجماعة، فانتصار الخير على الشر تحقيق العدالة الاجتماعية وازالة الظلم رهين بالتضحية الجماعية لا الفردية فقط.
رهان الشخصيات: هو رهان خاص بشخصيات الرواية، ويتأرجح في النص بين النجاح والفشل. فمثلا سعيد مهران فشل في تحقيق رهانه العام وهو تحقيق العدالة الاجتماعية، وكذلك فشله في رهانه الجزئي وهو الانتقام من خصومه. ثم هناك رهان رؤوف علوان الذي نجح فيه، وهو جمع الثروة ولو كان ذلك بطرق انتهازية.
أبعاد الأحداث ودلالاتها
ترتبط الرواية بالواقع الاجتماعي والسياسي الذي عاشه المجتمع المصري بعد ثورة الضباط الأحرار سنة 1952م، فمن خلال الأحداث التي وقعت مع سعيد مهران؛ حيث وجد نفسه فجأة يعاني من تفكك أسري يبدو أن الرواية تكشف معاناة نفسية واجتماعية سببها انتهازية بعض الأفراد الذين غيروا مبادئهم وقيمهم استجابة لمتطلبات التغيير، والتي هبت رياحها على مصر فترة الخمسينات والستينات من القرن العشرين، قصد ارضاء رغباتهم الفردية، فدمروا بذلك أسرا كثيرة وحكموا عليها بالفقر والمعاناة والألم والجوع والقلق الوجودي والروحي.
Commentaires
Enregistrer un commentaire